menu

بيان مفتوح لجماهير الثورة الشعبية الرابعة

الموقعون على البيان


الخرطوم 25 ديسمبر 2018م

حتى لا تُسرق الثورة الشعبية!
الوعي الثوري الشعبي هو الضمانة الوحيدة لشعبنا



الثورة الشعبية انطلقت ولا توجد قوة على الأرض يمكن أن توقفها! ليس في هذا شك! ولكن هذا لا يعني أنها لن تُسرق كما سُرقت سابقاتها. ولهذا يجب أن يرتفع وعينا الثوري حتى يحول دون سرقة هذه الثورة المجيدة. وأول خطوات ترفيع هذا الوعي هو أن نتساءل: كيف ومتى تُسرق الثورة الشعبية؟ وما هي الخطوات الواجب اتخاذها للحيلولة دون سرقة الثورة الشعبية؟ تُسرق الثورة الشعبية في نفس لحظة تغيير وإسقاط النظام بحسب الكيفية التي يتم بها تغيير وإسقاط النظام. وبمجرد سرقة الثورة لن يكون من الميسور استعادتها وذلك لأن سارقي الثورات سوف يكون لهم قصب السبق في تشكيل الأجسام المُجهضة للثورة وسن القوانين واللوائح التي تكرّس سرقة الثورة الشعبية. وتتمثل سرقة هذه الثورة المجيدة التي انطلقت بيارقها في الآتي: تغيير نظام الإنقاذ (1) وإبداله بنظام الإنقاذ (2). هكذا تُسرق الثورات بإعادة إنتاج نفس النظام الذي اندلعت الثورة الشعبية لإسقاطه وتغييره ليكتشف الشعب أنه لم يحصد شيئاً غير تكريس نفس النظام البائد الذي ثار ضده.
ويكمن التحدي التاريخي في السؤال التالي: كيف يمكن أن ننتقل من مرحلة دولة الإنقاذ (1) المارقة والخائنة للوطن إلى مرحلة الثورة التحريرية الشاملة دون أن نعبر بمرحلة الإنقاذ (2)؟ في بياننا هذا، نحن الموقعين أدناه، واستشعاراً منا بالمسئولية الوطنية، نسهم بجهد المقل ضمن الإسهام الشعبي العام للإجابة على هذا السؤال المصيري ونبذل ما في وسعنا لفتح أعيننا جميعاً نحن جموع الثوار الأحرار للسير في طريق الثورة الحقيقية دون أن يزيغ البصر منا ودون أن نفقد البوصلة الثورية.

المبادئ الخمسة للثورة الشعبية الرابعة:
أولاً: الهدف الأسمى لهذه الثورة الشعبية التي طال انتظارنا لها هو إسقاط نظام الإنقاذ الذي تمكن من فرض حكمه عبر انقلاب 30 يونيو 1989م، ومن ثم وقف التدهور الاقتصادي والسياسي والسيادي وتحقيق السلام وتحقيق التحول الديموقراطي وتفكيك دولة الإنقاذ بصورة كاملة. فإما هذا أو فإنه نظام الإنقاذ (2).
ثانياً: لا مجال البتة لقبول أي تغيير للنظام من داخله، وإلا كان هذا هو نظام الإنقاذ (2).
ثالثاً: مع الترحيب التام بالدور الفاعل للقوات النظامية (الجيش والبوليس والأمن) في إسقاط نظام الإنقاذ وتفكيكه تماماً، لا مجال لقبول أي تغيير لنظام الإنقاذ عبر أي انقلاب عسكري، وإلا كان هذا أيضاً هو نظام الإنقاذ (2).
رابعاً: لا مجال لقبول تشكيل مجلس عسكري على غرار ذلك المجلس العسكري الذي تشكل بمجرد إسقاط نظام مايو المباد عبر ثورة أبريل 1985م الشعبية المجيدة، وإلا كان ذلك هو أيضاً نظام الإنقاذ (2).
خامساً: المطلب الثوري هو تكوين مجلس ثوري من القوى الثورية التي تقود هذه الثورة الشعبية في المدن والقرى والعاصمة ليكون هو المجلس السيادي الأعلى والحامي للثورة الشعبية مع تمثيل شخص قيادي واحد فيه لكلٍ من القوات النظامية.
يكون من مهام هذا المجلس الثوري الشعبي السيادي إصدار خمسة قرارات سيادية ومحورية لتأمين الثورة وتمكينها من بلوغ مراميها السامية وذلك في سبيل الحيلولة دون سرقة الثورة الشعبية وإعادة إنتاج نظام الإنقاذ (1) واستبداله بنظام الإنقاذ (2).
القرارات الثورية الخمسة هي على النحو التالي:
أول القرارات الثورية: إلغاء جميع القوانين والرجوع فوراً للعمل بقوانين 1975م التي تعتبر زبدة التجربة الفقهية القانونية السودانية.
ثاني القرارات الثورية: التحفظ واعتقال جميع الشخصيات التي شاركت في انقلاب 30 يونيو 1989م والشخصيات التي أيدت أو ساندت ذلك الانقلاب أكان ذلك على المستوى الفردي أم على المستوى التنظيمي، بجانب اعتقال جميع شاغلي المناصب السياسية والوزارية والسيادية والدستورية لدولة الإنقاذ.
ثالث القرارات الثورية: تشكيل مجلس وزراء من التكنوقراط يكون مركّزاً وغير مترهل تراعى فيه الكفاءة والنزاهة السياسية والشخصية كما يراعى فيه التمثيل الجغرافي لمدن الثورة وقراها ويكون هناك ممثل للقوات المسلحة في منصب وزير الدفاع وممثل للبوليس في منصب وزير الداخلية، مع فصل جهاز الأمن الداخلي من جهاز المخابرات وتتبيعه للبوليس كما هو معمول به في كل العالم المتحضر.
رابع القرارات الثورية: تكون هناك فترة انتقالية هي مدة حكم المجلس الثوري ومجلس الوزراء الثوري على ألا تقل مدته الزمنية من 4 إلى 6 سنوات على أقل تقدير لإنجاز كل المهام الثورية اللازمة لتخليص البلاد من آثار نظام الإنقاذ المارق.
خامس القرارات الثورية: إلغاء إسقاط الجنسية من ملايين السودانيين الشماليين الذين تعود أصولهم الإثنية لدولة الجنوب والذين ظلوا ولا يزالون يعيشون في السودان ولم يقوموا بالتوقيع على أو صياغة اتفاقية نيفاشا كما لم يقوموا بتسجيل أسمائهم في سجل الناخبين للاستفتاء ولم يقوموا بالتالي في التصويت في الاستفتاء ورغم ذلك عاقبتهم دولة الإنقاذ المارقة على فعل لم يرتكبوه وقامت بفرزهم على أساس عنصري وانتهاك حقوق المواطنة خاصتهم وتحويلهم إلى "بدون" داخل وطنهم. فقد كان ذلك القرار غير دستوري وغير قانوني كما كان قراراً عنصرياً جعل من السودان في ظل الإنقاذ دولة فصل عنصري. إن هذا الجسر البشري الذي يربط بي شقي الوطن هو الذي سنعبر من خلاله لاستعادة وحدة التراب السوداني. ومن هنا نهيب بأهلنا السودانيين الذين تعود أصولهم الإثنية لدولة الجنوب بأن يلعبوا دورهم الوطني بالمشاركة الفاعلة في هذه الثورة المجيدة من منطلق الأصالة. فالحقوق لا تُستجدى بل تُنتزع.

الموجهات الثورية العشرة للسياسة الوطنية في الفترة الانتقالية
أول الموجهات الثورية: العمل على عقد المؤتمر الدستوري وصياغة دستور يحفظ حقوق الجميع ويُستفتى عليه الشعب ثم على أساسه تجري الانتخابات العامة على أن تسبق ذلك وخلال الفترة الانتقالية إجراء انتخابات الحكم المحلي.
ثاني الموجهات الثورية: العمل الجاد على وقف التدهور الاقتصادي وتعافيه بوقف الفساد وتوظيف موارد البلاد العديدة توظيفاً إسعافياً ثم العمل على وضع الخطط التنموية متوسطة وبعيدة المدى مع توظيف مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحوث والدراسات لتخدم كهيئات استشارية لمجلس الوزراء الثوري في الفترة الانتقالية.
ثالث الموجهات الثورية: العمل على وقف الحرب الأهلية وتحقيق السلام المنشود انطلاقاً من الاعتراف بأن الحرب الأهلية نجمت عن مجمل السياسات غير الموفقة وغير الوطنية كما تقف خلفها مطالب مشروعة بانتفائها تصبح الحرب الأهلية في حكم ضرورة.
رابع الموجهات الثورية: العمل على استرداد الأموال المنهوبة بالداخل والخارج ومطاردة سارقي أموال الشعب داخل البلاد وخارجها وتقديمهم للمحاكمات العادلة.
خامس الموجهات الثورية: استعادة علاقاتنا الخارجية القائمة على المصالح المشتركة وعدم التدخل في شئون الآخرين ومد يد الصداقة وتدعيم السلام الإقليمي والعالمي انطلاقاً من إعادة النظر في مجمل الاتفاقيات الخارجية التي أرستها دولة الإنقاذ المارقة.
سادس الموجهات الثورية: إعادة بناء القوات النظامية من جيش وبوليس وأمن وتفكيك المليشيات السياسية والإثنية بما من شأنه أن يحافظ على سلامة الشعب ووحدة تراب وسيادة جمهورية السودان.
سابع الموجهات الثورية: بخصوص التعليم والخدمة المدنية والصحة، أولاً إعادة بناء مؤسسات التعليم العام والعالي ومجانيته بجانب تأهيلها لتلعب دورها في إنتاج المعرفة والعلم ورفع القدرات وإنتاج الكوادر البشرية المؤهلة. وكذلك إعادة بناء الخدمة المدنية وتطهيرها من العناصر الإنقاذية التمكينية ومن ثم جعلها الجهاز الرئيسي في إدارة شئون الدولة في العاصمة والأقاليم بدلاً من الأجهزة المترهلة فيما يعرف زوراً وبهتاناً بالحكم اللامركزي من معتمدين وولاة ووزراء ومستشارين .. إلخ. ثمّ أيضاً إعادة بناء المؤسسات الخدمية الصحية من مستشفيات ومراكز صحية وشفخانات .. إلخ مع كفالة حق العلاج المجاني.
ثامن الموجهات الثورية: اتخاذ كل الخطوات اللازمة في سبيل بسط سيطرة وسيادة الدولة على الأراضي التي خرجت عن سيادة الدولة السودانية عن طريق التغول وجراء تفريط نظام الإنقاذ المارق في السيادة الوطنية.
تاسع الموجهات الثورية: إجراء المحاكمات العادلة والنافذة لرموز وقيادات دولة الإنقاذ وكذلك لرموز الفساد والمروجين للحرب ولأمرائها وقادة المليشيات السياسية والإثنية في دارفور وجميع مناطق الحروب والنزاعات والاقتصاص لجميع جرائم القتل الجماعية والفردية غير القانونية أينما وقعت في السودان.
عاشر الموجهات الثورية: العمل مع دولة جنوب السودان الشقيقة لإحلال السلام في شقي الوطن وإلغاء استثناء مواطني دولة جنوب السودان من الحق الدستوري في التمتع بازدواجية الجنسية ومن ثم السعي لاستعادة الوحدة عبر اتحاد كونفيدرالي بين دولتين مستقلتين.
بهذا نعلن للشعب السوداني العظيم ولجموع ثواره الأحرار ــ نحن الموقعين أدناه ــ أن ما قمنا بطرحه أعلاه يمثل الحد الأدنى لضمان نجاح الثورة. إن الانتقاص أو التحفظ أورفض أي بند من البنود أعلاه، بجانب أنه يطعن إما في نضج الوعي الثوري أو حتى في حقيقة الانتماء الثوري نفسه، سيكون بمثابة خطوة للوراء في سبيل إجهاض الثورة وإعادة إنتاج دولة الإنقاذ (1) عبر قيام دولة الإنقاذ (2) بما يعني سرقة الثورة ودماء شهدائها لم تجف بعد.
إننا نناشد جماهير الثورة في المدن والقرى، وإلى حين اكتمال هلال الثورة الشعبية الشاملة وإعلان السقوط التام لنظام الإنقاذ المارق، أن يعملوا فوراً على تشكيل مجالسهم الثورية لإدارة ما يليهم من شئون الشعب في مجالي الخدمات المباشرة والسياسة العامة بما يساعد على رفع المعاناة عن كاهل شعبنا العظيم وبما يؤدي إلى توطيد دعائم الثورة والتحوط ضد أي احتمالات للثورة المضادة وإحلال الإنقاذ (2) بديلاً عن الإنقاذ (1). فمن هذه التشكيلات الشعبية سوف ينبثق المجلس الثوري الذي سيقوم بتعيين مجلس الوزراء الثوري الذي بدوره سوف يقوم بتسيير دفة البلاد في الفترة الانتقالية.
كما نهيب بكل السودانيين الأحرار الشرفاء، نساءً ورجالاً، شيباً وشباباً، أن ينضموا إلى قائمة الموقعين على هذا الخطاب المفتوح لجماهير شعبنا الثائرة التي خرجت تدك حصون القهر والفساد تحقيقاً لأحلامها وأشواقها المشروعة في الحرية والديموقراطية والعدالة والسلام والنهضة.
الموقعون:
1 ) السفير إبراهيم طه أيوب (وزير خارجية انتفاضة أبريل 1985م)
2 ) بروفيسور محمد الأمين التوم (أستاذ جامعي وعميد مدرسة العلوم الرياضية الأسبق بجامعة الخرطوم)
3 ) د. محمد جلال أحمد هاشم (أستاذ جامعي)
4 ) بروفيسور العطا حسن البطحاني محمد (أستاذ جامعي)
5 ) د. عبد الرحيم بلال (خبير التنمية ومنظمات المجتمع المدني)
6 ) د. محمد يوسف أحمد المصطفى (أستاذ جامعي)
7 ) بروفيسور مهدي أمين التوم (أستاذ جامعي)
8 ) باشمهندس أبو بكر عباس الزين