menu

أرفعو أيديكم .. عن أولاد دارفور !!

د. عمر القراي


27 ديسمبر 2018

1-إن هذه التمثيلية، الخبيثة، القذرة، التي قام بها جهاز الأمن، بأن اعتقل عشوائياً، مجموعة من أبناء دارفور، من الجامعات، والمعاهد العليا وغيرها، وأخضعهم لتعذيب لا يطيقه بشر، وتهديد بالإعتداء على أعراضهم، وذويهم، حتى إنتزع منهم، تحت هذا التهديد المريع، اعترافات بأنهم خلية تابعة لعبد الواحد محمد نور، وأنهم جاءوا من إسرائيل، ليحدثوا تخريب، واغتيالات في السودان !! هذه المسرحية الركيكة، سيئة الإخراج، لا تجوز على أحد، ولا حتى أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين أنفسهم، لأنها متهافتة، ولأنها سطحية، ولأنه تنضح بالغرض، وتتسم بقلة الذكاء الفطري .. كيف جاءوا من إسرائيل، ولماذا لم يقبض عليهم جهاز الأمن، قبل أن يندسوا في المظاهرات؟ وكيف أنهم يحملون كل هذه الأسلحة، ولم يقتلوا أحداً ؟! وهل إسرائيل عاجزة عن ضربكم إذا أرادت ذلك ؟! ألم تضربكم من قبل، في بورتسودان، وعجزتم حتى أن تشتكوها ؟!
2-ألا يكفي أبناء دارفور ما صنعتم بهم من قبل؟! لقد قتلت حكومة الإخوان المسلمين حوالي 300 ألف من مواطني دارفور، وشردت نحو مليونين، بين معسكرات النزوح واللجوء، وأغتصبت مئات النساء الشريفات، في "تابت" وغيرها، ألا يكفي حكومة الاخوان المسلمين كل ذلك ؟! ألم تعترف الحكومة بقتل عشرة آلاف من أهالي دارفور ؟؟ ألم يقل الرئيس البشير أن أياديهم ملطخة بدماء أهالي دارفور الأبرياء ؟! فهل يدان أبناء دارفور، أو جنود عبد الواحد، إذا حاولوا قتلكم قصاصاً لأهلهم، نزولاً عند قوله تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها)؟!
3- إن الغرض من الكذب على أولاد دارفور، وإقحام حركة عبد الواحد، فيما ليس لها به علم، ليس مجرد تبرير ضرب المتظاهرين بالنار، أو الإعتداء على أبناء دارفور .. بل الغرض هو محاولة تفتيت وحدة صف المعارضة، التي إنطوى تحت جناحها كل الشعب، في جميع المدن. هذه الوحدة الفريدة، التي غيضها الله للشعب السوداني، تغيظ الاخوان المسلمين، أكثر من حركة عبد الواحد نفسها !! لأنها السبيل الى زوالهم عن كراسي الحكم، التي ظلوا لسنين، عاكفين على عبادتها من دون الله .. إن استهداف أبناء دارفور بصورة خاصة، ينتظر منه أن يثير النعرات القبلية، ويجعل بعض أبناء دارفور يتساءلون، لماذا نضرب، ونقتل، ونطارد، ونعذب، أكثر من أبناء الشمال ؟! فيقوم غير الواعين منهم، بالهجوم على أبناء الشمال عموماً، وينصرفوا في قروبات التواصل الاجتماعي، الى التراشق معهم، وينصرفوا جميعاً عن العدو الحقيقي، الذي هو حكومة الاخوان المسلمين.
4-لقد وضح الآن، ووثق بالصور، أن الذين قاموا بالضرب بالرصاص، وقتلوا المتظاهرين، وقنصوهم من أعلى العمارات، إنما هم فصائل مسلحة، من تنظيم الإخوان المسلمين، يقودها الأمن الشعبي، ومليشيات طلابية، يقودها الاتحاد العام للطلاب السودانيين .. وهي تحتوي على أولاد وبنات، مسلحين، ومدربين على القتل، وقد غسلت أدمغتهم بفكرة خطيرة، فحواها أن كل من ليس من الاخوان المسلمين، فهو ليس إنسان ولذلك لا قيمة له، ولا بأس من قتله، أو سحله، أو نهبه !! وهذا هو جوهر ما دعا له سيد قطب، والمودودي، حين كفروا كل المجتمع ما عدا أعضاء تنظيمهم .. بالاضافة الى ذلك، فقد أفهموهم الآن، أن ثورة الشعب تستهدف قتلهم، فيجب ان يدافعوا عن وجودهم. وهؤلاء كان عملهم في الماضي، هو قمع مظاهرات الطلاب في الجامعات، ولعل نجاحهم لحد في ذلك، أغراهم اليوم، بمواجهة كل الشعب السوداني .. وهذه التنظيمات الشبابية العنيفة، كان يشرف عليها علي عثمان، وعوض الجاز، ولعلهم لا زالوا يفعلون.
إن الاخوان المسلمين، يراهنون الآن، على أن مليشياتهم هذه، لأنها مسلحة، ستنتصر على المتظاهرين، وتقتل منهم أعداد كبيرة، حتى تخمد المظاهرات !! ولكنهم غير مطمئنين لذلك، ولهذا نرى العربات المحملة بالجنود، تقف في مواجهة المتظاهرين، ولم تعط أوامر بالضرب .. كذلك قوات الدعم السريع، لم تعط أوامر بالضرب، ولكن إحضارها يعني أنهم سيأمرونها بالضرب، إذا استطاع الثوار هزيمة شباب الاخوان المسلحين، بأن عرفوهم بالاسماء، ورصدوهم في الأحياء، وعند أسرهم وبيوتهم، حتى شلت حركتهم .. في ذلك الوقت سيأمر الجيش بالضرب، بعد أن تصنع الحكومة كذبة جديدة، وربما قامت بتصفية بعض المسؤولين في الحكومة، في صراعات داخلية حول المصالح، ثم تعلن أن هنالك مندسين في المظاهرات، وفي المعارضة، قاموا بقتل مسؤولين في الدولة، فتبرر للجيش أو الدعم السريع، ضرب المحتجين السلميين، الذين عجزت عن إدانتهم بالتخريب لتبرر ضربهم.
5-إن ثورة الشعب السوداني، الآن، هي ضد جماعة الاخوان المسلمين، فليس هناك جسم حقيقي إسمه المؤتمر الوطني، أو الشعبي، منفصل عن هذه الجماعة، فالأفضل أن تسمى الاشياء بمسمياتها .. ولئن إنتفض الشعب السوداني ضد الاخوان المسلمين، فهو حري أن يجد التأييد الأقليمي والدولي، الذي صنف هذه الجماعة كجماعة إرهابية .. ولقد وضح للشعب الآن، أن الجيش السوداني، رغم ما لحق به من تخريب وتشويه لحياده ومهنيته، لم يقتل المتظاهرين، ولا الشرطة، ولا حتى رجال الأمن المحترفين .. وإنما التقتيل تم بواسطة كتائب الاخوان المسلمين، وهذا هو العدو الماثل، الذي يجب أن يقاطعه الشعب إجتماعياً فلا يتعامل معهم، لأن أياديهم ملطخة بدماء أبنائنا، من دارفور وغيرها .. يجب أن يعلم العالم أن الشعب السوداني، الآن، يواجه القتلة من الإخوان المسلمين، وأن أي دولة تعاون حكومة البشير اليوم، إنما هي حكومة داعمة للإرهاب، وممولة له، ومخالفة للإجماع الإقليمي والدولي.
6-إن من حسن التوفيق، أن يتوحد توجيه حركة الثورة، تحت ظل جسم واحد هو المنسقية، لتشرف على تنظيم العمل من منبر واحد، يعرفه كل الناس، ويتعاملون معه بثقة. على أن تخلق المنسقية لنفسها مكاتب تتعلق بقضايا متعددة، مثل مساعدة أسر الشهداء، والجرحى، والمعتقلين، والإعلام والتواصل والتنسيق والمتابعة، وتكوين مكتب للصحة والعلاج الميداني، وجعل كل هذا العمل التطوعي، مفتوح ليلحق به كل من يريد ذلك.
7- رد الله كيدهم في نحرهم، وأبطل خيانتهم ( وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ).