menu

حديث الثورة (1)

بقلم : ابن السودان


3 يناير 2019

" كان الصحابة يأكلون ورق الشجر "

هكذا قدم الجنرال البشير الحل السحري لأزمة السودان أمام جمع في الجزيرة قبيل أيام !

هكذا اختزل الطاغية ..الحل الناجع لمعاناة الملايين من مواطني بلادي !!

و لم يراع الرجل حرمة لدماء الشهداء التي سالت علي شتى شوارع مدن السودان قبل زيارته ... فظل يمارس رقصه الرقيع و كأن هؤلاء الذين قضوا نحبهم لن يسأله الله تعالى عن دمائهم يوم البعث العظيم !!

و أنا استمع إلى محاولات الرجل اليائسة إلباس الثوار لباس الخونة والمارقين و العملاء ..ظل سؤال حائر يتردد في ذهني ..لماذا يفكر الطغاة بذات الطريقة ؟ ...لماذا يبدو لي دوما أنه ثمة وادي " لا عبقر " ..يرتاده السفله كلهم !

" كان الصحابة يأكلون ورق الشجر "

هذا الرجل إذن ..يفترض فينا عمى البصر و البصيرة !

نحن لا نرى إذن كيف يعيش صعاليك المؤتمر اللا وطني ..في كل مدن و قرى السودان !

نحن لا نرى البيوت المترفة ...و القصور الشاهقة و العربات الفخمة ...و المأكل الباذخ ...و المدارس الأجنبية ...و المستشفيات التي لا يحلم أمثالنا حتى بشرف الموت على أسرتها !

نحن لم نشاهد و لم نقرأ عن الفساد الهائل الذي نال كل شيئ علي يديك أيها الجنرال ..حتى لكأنك هولاكو ...لا تمر بشئ إلا و حولته خرابا لا يبقي ولا يذر !

و حتي المؤسسات التي خلفها المستعمرون الانجليز ...دمرتها بدم بارد ..فصارت الجزيرة الخضراء في عهدك غبراء ...و اندثرت السكك الحديدية ...و اغلقت المصانع أبوابها ..و مات النقل النهري ... و انهار التعليم ...و تراجعت الصحة ...و تفشت الرشوة و المحسوبية و ارتفع معدل الجريمة ... بل إنك فرطت في التراب الوطني الذي أقسمت بصونه يوم التحقت بالجيش ...و في كل مرة ترقص رقصة نيرون حين أحرق روما

" كان الصحابة يأكلون ورق الشجر "

نحن إذن لم نستمع للمحللين و هم يقرون بوجود مئات المليارات لكم في ماليزيا و تركيا و الإمارات و الحبشة !

نحن لا نعلم شيئا عن مليارات الذهب و من قبله النفط !!

نحن مجرد بهائم تريد أن تبيعها الوهم مرة أخرى .. لتتمكن من الجلوس علي كرسي يقيك مشنقة الجنائية ...و إني لأراها قريبة ...لكنها علي يد الشعب !!

لا أعلم ..كيف يمكن أن تشير لصفحات مشرقة من الاسلام و الحرام قد لبسك من رأسك حتي أخمص قدميك ...تماما كبزتك العسكرية التي سلبتها شرفها !

كيف تطلب من الناس أن يأكلوا ورق الشجر كالصحابة ..و أنت لا تعيش كعمر ..و لا تنصح كعثمان ..و لا تتقى الله كعلي ؟!

رجل اغتال في نهار رمضان ثمانية و عشرين ضابطا شريفا ...اغتالهم و هم على ظمأ و مسغبة ...لم تترك له شهوته للدم أن ينتظر انقضاء الشهر الكريم ...بل حتي انقضاء النهار ...ليهيل عليهم التراب في مقابر مجهولة حتي اليوم !

رجل احرق مئات القري في دارفور ....

رجل سرق و نهب و قتل و شرد و نفى ...كيف له أن يقف بين يدى الله راكعا ساجدا ؟؟

كيف يحدث الناس عن زهد الصحابة ؟

ابشر يا بشير بليال قادمات أشد سوادا من ريش الغراب .. ابشر بالشوارع و هي تطبق عليك فيضيق الفضاء في عينيك و لا تجد من ملاذ في الكون الواسع !!

و حينها سيكون أمامك حلان ...إما الهرب ..و هو يليق بجبان رعديد مثلك ...أو السقوط في أيدى الثوار الكرام ...

ووقتها ...لن نرحمك !!