تمر الأمة السودانية بكل قطاعاتها بفترة بالغة السوء تشهد فيها تدهوراً متواصلاً على كل الأصعدة والمجالات والخدمات الأساسية المناط بالدولة تقديمها للمواطنين،
ولأن الصيادلة جزء أصيل من المجتمع السوداني يقع عليهم كل ما يقع على الجميع من شُح الأوراق النقدية وشُح الوقود وشُح الدقيق و مشاكل الخبز، ويضغط عليهم الإنهيار المستمر في سعر صرف العملة الوطنية و إرتفاع اسعار السلع و الخدمات،
مضافاً إليه إحساسهم الموجع بآلام المرضى ومعاناتهم بسبب ندرة الأدوية وعدم توفرها وإرتفاع أسعارها التي تضاف الى فاتورة العلاج الكلية و تنزل عبءاً ثقيلاً لا يقدر المواطن على تحمله،
فإننا في الحقل الصيدلاني يدفعنا إيماننا العميق بمسؤوليتنا تجاه صحة مواطنينا وعافيتهم شهدنا سلسلة متواصلة من الإخفاقات والقرارت السيئة المتخبطة التي هدفت الى معالجة الإنهيار الإقتصادي المتواصل الناتج عن سياسات خاطئة وفشل مستدام على مر أكثر من عقد الأمر الذي دفع بالدولة لتحريك سعر العملة الصعبة على مراحل ليتحمل المواطن سعر صرف السوق الموازي ويصبح رهينة للمرابين ومصاصو الدماء وليدفع ثمن أخطاء لم يكن شريكاً فيها في أي وقت.
شهدنا جميعاً في الفترة الماضية تغيير الحكومة لسعر الصرف الرسمي ليصبح 47.5 جنيهاً إلا أنها في ذات الوقت رفضت أن يتم إستخدامه لتسعير الأدوية الشئ الذي قاد إلى التأثير السلبي المباشر على وفرة الأدوية ليقود إلى إنعدام كثير من الأدوية الضرورية والمنقذة للحياة والتي يتزايد شحها يوماً بعد يوم لتصل مرحلة الخطر في القريب العاجل وهذا ما نعايشه جميعاً في الحياة اليومية،
وبدلاً من أن تتصدى الحكومة لحل المشكلة من جذورها بتوفير مبلغ أقل من 400 مليون دولار هي حوجة السودان من الدواء لعام كامل إختارت إستخدام الطرق السلبية في رشح الصيادلة و كيل الاتهامات عليهم في كل القطاعات بأنهم سبب الازمة في إنكار واضح لكل ذي عقل للسبب الرئيسي و هو سياسات الحكومة و قراراتها.
في نفس الوقت يشهد قطاع الصيدلة صراعات داخلية بين مؤسسات الدولة بشكل ألحق أضراراً كبيرة بسير العملية الصيدلانية، فما زال الصراع بين المؤسسات الولائية التابعة لولاية الخرطوم (صندوق الدواء الدائري) والمؤسسات الإتحادية ( الصندوق القومي للإمدادات الطبية والمجلس القومي للأدوية والسموم) في تعاظم ويأخذ طريقه للعلن بوضوح بواسطة ممثلي تلك المؤسسات مما يشير الى عدم إتساق خطط الدولة في هذا القطاع وغياب العمل الإستراتيجي فيه وإستناده إلى رؤية ومجهودات أفراد تتعارض وتتأرجح كل يوم ليكون الضحية هو المواطن السوداني في شتى بقاع الوطن.
جماهير شعبنا الصابر؛
في ما يتعلق بالأدوية فإن مسؤولية الدولة العاجلة الآن تتمثل في الآتي:
أولاً :
توفير القدر الكافي من العملات الصعبة بصورة عاجلة لمقابلة إستيراد الأدوية و ذلك بعد التشاور مع الجهات المختصة في ترتيب الأولويات مع إستخدام القنوات التي أثبتت فعاليتها عبر السنين بما يضمن وفرة كل الأصناف الدوائية وعدم إرتفاع أسعارها.
ثانياً:
دعم الصناعة الوطنية دعماً حقيقياً بما يضمن إستقراراً ثابتاً بتوفر الطاقة والوقود والعملات الصعبة لمقابلة استيراد المواد الخام و مواد التغليف بدلاً عن الشعارات المرفوعة دون جهود حقيقية على الأرض.
ثالثاً:
تطوير النظام الصحي بالكامل مع كافة القطاعات الصحية الأخرى بالتوجه نحو تطوير خدمات التغطية الصحية الشاملة والرعاية الصحية الأولية والتأمين الصحي كحل جذري الأمر الذي يحتاج الى إلتزام سياسي صادق و كوادر مؤهلة.
رابعاً:
الحل الحاسم لكل التقاطعات في القطاع الصحي التي تربك الإتجاه العام وتبدد الجهود في صراعات داخلية لا طائل منها وتنسيق الجهود الكلية وإلتزام كل المؤسسات الصيدلانية بمسؤولياتها الأساسية وعدم التفرع عنها وتحويلها إلى دول داخل دولة تعمل كل منها معزولة بالكامل عن الأخريات.
زملاء المهنة والوطن؛
تابعتم الخطوات التي قام بها تجمع المهنيين السودانيين من أجل رفع الحد الأدنى للأجور وتحسين الأوضاع المعيشية والتي أمنت في ختامها على تسليم مذكرة سلمية يقدمها جمهور المهنيين والموظفين والعمال الى البرلمان والمقرر لها الثلاثاء 25 ديسمبر 2018،
نحن في لجنة صيادلة السودان المركزية نؤكد دعمنا لهذا الحراك المهني العادل ونعلن مشاركتنا فيه كما ندعو جميع الصيادلة للمشاركة فيه والمساهمة في إنجاحه،
وندعو الله سبحانه وتعالى أن يقدم لهذه البلاد من أبناءها من يرفعون شأن الوطن والمواطن فوق ذواتهم و مصالحهم الضيقة والله ولي التوفيق.