:: قبل خروج الناس إلى الشوارع، كانت السلطات قد ألقت القبض على متهم يُدًعى محمد زين العابدين، وملقب ب (شروم)، و يعمل سائقاً خاصاً، وذلك بتهمة تهديد المواطنين بالقتل إذا رفضوا الوضع الراهن وعبروا عن رفضهم بالخروج إلى الشوارع .. وكما تعلمون، فالمتهم شروم هذا كان قد ظهر في مقطع فيديو ملوحاً بالسلاح ومحذراً الناس من التظاهر ضد الحكومة.. و بعد القبض عليه، وجهوا له تهم الإرهاب والتهديد و إثارة الفتن وغيرها ..!!
:: وبعد خروج الناس إلى الشوارع ، خرج علي عثمان محمد طه، القيادي بالمؤتمر الوطني، للناس - عبر السودانية 24 - قائلاُ : (هناك كتائب ظل كاملة، يعرفونها، موجودة وراء مؤسسات الدولة، تدافع عن النظام إذا احتاج الأمر لتسيير دولاب العمل، وتدافع عنه اذا احتاج الأمر أن تقوم بالعمل المدني، وتدافع عن النظام حتى إذا اقتضى الأمر التضحية بالروح)..قالها هكذا، ولايزال يمارس نشاطه السياسي، وكأنه لم يقل ما أسماه القانون بالإرهاب والتهديد وإثارة الفتن و غيرها ..!!
:: وعليه، فان مخاطر حديث طه لاتختلف عن مخاطر حديث شروم، ومع ذلك أحدهما متهم بطرف السلطات و الآخر قيادي طليق يخاطب الناس بصفة مسؤول .. وعفواً، قد لا تكون خطورة حديث المتهم شروم بحجم الشعب والبلد، باعتباره حديث صادر عن مواطن غير مسؤول، و غير مؤثر في صناعة القرار وتشكيل رأي عام .. ولكن حديث طه هو ( الأخطر) على الناس والبلد، باعتباره صادر عن مسؤول نافذ بالحزب الحاكم، ومؤثر في صناعة القرار و إصدار (التعليمات)، و ربما منها المرتقبة لكتائب الظل المستعدة على التضحية بالأرواح ، أو كما قال ..!!
:: والأدهى والأمر في حديث طه، وهو ذاته جبل التناقض، انه بعد التلويح برايات كتائب الظل التي تعمل - حسب وصفه - وراء مؤسسات الدولة، لم يفت عليه تذكير الناس بما أسماها بالإنتخابات التي يجب أن تكون هي الحكم والفيصل بين الأحزاب .. ممتاز.. ولكن طه مسؤول سياسي بالدولة السودانية ذات الأجهزة والمؤسسات المتفق عليها، ثم بدولة أخرى - داخل الدولة السودانية - ذات كتائب ظل مستعدة على التضحية بالأرواح في سبيل (سلطة طه)، فعن أية إنتخابات يتحدث طه؟.. عن إنتخابات دولة المؤسسات أم إنتخابات دولة (كتائب الظل) ..؟؟
:: وعليه.. آلام البلاد لم تًعلم طه بحيث يستلهم منها العِبر و بعض الآمال لصالح حاضر ومستقبل هذا الجيل الغاضب .. نعم، لم يتعلم من دروس بطعم الحنظل، وقد تجرعتها البلاد وشعبها لحد التشظي والانفصال (شمالاً وجنوباً)، ولم يتعظ من تجارب قاسية ودروب وعرة مرت بها حكومته، ولايزال شعبنا يدفع أثمانها حرباً ونزوحاً بنصف ولايات البلد.. ورغم كل هذه المحن، وربما لأن المواطن وحده ( يلولي صغارهن)، فأن عقلية طه السياسي لم تبارح محطته الشهيرة ( Shoot to kill )، وهي تعني أطلق النار لتقتل، وليس لتعطل عدوك، أو كما هو متعارف عليه عسكرياً .. !!